JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

 


الصفحة الرئيسية

تطور الخطاب الأفريقاني من خواكين كوسطا إلى ثاباتيرو





نوالدين البكراوي - باحث في العلاقات المغربية الإسبانية ونزاع الصحراء



    ليس من المبالغة في شيء القول إنّ كلمة خوسي لويس رودويغيز ثاباتيرو التي ألقاها في مارتيل يوم الجمعة 02 شتنبر من السنة الجارية، خطفت كل الأضواء، وتصدرت تصريحاته القوية، المرتبطة بالحالة الزاهية التي تمر بها العلاقات المغربية الإسبانية، عناوين الصحف وشغلت بلاتوهات البرامج وطنيا وعالميا؛ فللرجل رصيد ثقيل وباع طويل في السياسة الدولية ومسار حافل كرجل دولة. هذه المداخلة المدرجة ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الأول الذي وُسِمَ بعنوان: "العلاقات المغربية الإسبانية: الحاضر والمستقبل" والذي نظمته المدرسة العليا للأساتذة بمرتيل يومي 2 و3 من شهر شتنبر، م2022، بشراكة مع جامعة عبد المالك السعدي والمركز المغربي للدراسات والأبحاث في الاقتصاد والتنمية المستدامة. وعرف الحدث الثقافي حضوراً وازناً تقدمه السيد بوشتى المومني، رئيس جامعة عبد المالك السعدي، وعبد اللطيف مكرم، عميد كلية العلوم بتطوان، وشخصيات سياسية ودبلوماسية مغربية وإسبانية مرموقة كوزيرة الإسكان السابقة بحكومة ثاباتيرو ماريا أنطونيا تروخييو.

    فما خلفت كلمته في اللقاء من أثر طيب لدى جميع الحاضرين وكذلك ما تركه فيه من تصريحات للتاريخ من قبيل: "إن المغرب يشكل مركز اهتمام محوري في الدبلوماسية الإسبانية، وإذا كانت إسبانيا تولي أهمية لبلد ما فإن هذا البلد هو المغرب"، مؤكدا على "ضرورة وجود رؤية واعية ومحددة ومتقدمة ودقيقة للدفع بتقدم وتطور الحضارتين والعلاقة الثنائية بين البلدين". ومنبها إلى أنه "لا يجب التفكير والنظر إلى ما ستقدمه إسبانيا للمغرب أو ما سيعطيه المغرب لإسبانيا، بل إلى ما سيقدمانه معا للأفق الاستراتيجي للعالم؛ لذلك يجب أن يعمل البلدان جنبا إلى جنب للتصدي للإرهاب والهجرة غير النظامية ومن أجل الحاضر والمستقبل"، كما شدد على أن الإسبان "واعون بنمو وتصاعد العلاقة بين البلدين في مختلف المجالات رغم تداعيات الجائحة"، مستشهدا بالكثير من الأمثلة نذكر منها، على سبيل التمثيل لا الحصر: "المبادلات التجارية وتزايد اهتمام الطلبة المغاربة باستكمال الدراسة بالجامعات الإسبانية"، مسترسلا بالقول: "لا غرابة في هذا، فالجغرافيا والتاريخ بجانب كلا البلدين وعلاقاتهم"ا، ليذكر أن "المغرب بلد أخ وصديق ونتطلع للارتقاء بمستوى هذه العلاقات من أجل المستقبل". كما دعا ثاباتيرو إلى "ضرورة الرجوع إلى التاريخ العميق والمشترك، مثل الموجود بين المغرب وإسبانيا، اللذين يسعان إلى المستقبل"، مناديا بضرورة قراءة الـعشرين سنة الأخيرة من القرن الحالي لتفادي تكرار الأخطاء التي ارتكبت في الماضي، ومبرزا أن المغرب وإسبانيا يلعبان دورا بالغ الأهمية من أجل السلام والاستقرار في العالم.

الخطاب القديم الجديد

    مجمل ما جاء في كلمته كان قويا لدرجة دغدغت مشاعر كل الحاضرين، وأضفت جوا من الثقة والحماس وصل صداها حد السماء، إلا أن خطابه لمن يعرف تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية سيجده قديما/جديدا. فكلامه الذي يمكن إدراجه ضمن النسق المتبع للسياسة الخارجية الإسبانية منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر يجب تحليله في شقين: الأول مرتبط بالمضمون الذي شكل الخطاب الأفريقاني[1] الإسباني القديم في مرحلته الثانية، وهو دون شك، مغاير للمرحلة الأولى والمرحلة الثالثة والرابعة في خط تطوره كما سنحاول إثباته بعجالة في السطور التالية وسنستفيض في النقاش في المقالات القادمة إن شاء الله.

    إنّ الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق في ما بين 2003 و 2011م، تبلورت فيه على مدى أغلب أطوار مداخلته -بشكل لا يدع مجال للجدال- فكرة محورية مفادها أن مصلحة المغرب من مصلحة إسبانيا، وتبين لنا بالفعل أنه لم يخرج عن الخطاب الأفريقاني التقليدي في تناوله للروابط والقواسم المشتركة بين المغرب وإسبانيا والأخوة التي تجمع بين البلدين منذ أمد بعيد...ولم يضف جديدا عندما نوه بفترة حكم الملك محمد السادس التي وصفها بالإيجابية قائلا: "إن حصيلة العلاقات الإسبانية المغربية خلال الـ 20 سنة الأخيرة، التي تزامنت مع فترة تولي الملك محمد السادس[...] كانت العلاقات بين المملكتين خلال هذه المدة مثمرة وعظيمة"، فكذلك كان يفعل من سبقوه من ملوك ورؤساء حكومات وسياسيي ورجال الدين في إسبانيا منذ العهد القروسطي الذين كانوا دائما يكنون احتراما كبيرا للسلاطين المغاربة، ولم يزد عما سبقوه من السياسيين الإسبان عندما تحدث عن القيم التي تميز البلدين في مواجهة التحديات...

    فرغم أننا نحتفظ بمقال جديد حول "تطور خطاب السياسة الخارجية الإسبانية تجاه المغرب من القرن التاسع عشر إلى يوما هذا"، فلا نجد أي ضرر من الخوض في بعض تفاصيله بالقول: إن حديث ثاباتيرو أحالنا إلى خطاب استعمله الكثير من الأفريقانيين في الربع الأخير من القرن التاسع عشر الذين استماتوا في الدفاع عن العلاقات الإسبانية المغربية بعدما لم يصلوا إلى نتيجة تذكر باستعمال القوة واحتلال الأراضي المغربية والتشبث بالعدوانية والإحساس بالتفوق والحط والتنقيص من كل ما هو مغربي وإسلامي وعربي وأمازيغي من دين وعادات وسلوكيات ولباس ومجتمع... ونعتهم بالوحشية والتعصب والمكر والتخلف خصوصا قبل وبعد حرب تطوان وحرب الريف... وما وظفوه من آليات واستراتيجيات كولونيالية في المرحلة الأولى وحتى في المرحلة الثانية، كانت تعتمد في المقام الأول على استخدام مفهوم الحرب المسيحية المقدسة ضد الكفار،[2] وما تفرزه من بنية مفاهيمية أساسها التقابل والتباين وغرضها رسم وتحديد صورة كل طرف مثل: أوروبي متقدم ونبيل/ إفريقي متخلف ومنحط، ومسيحي مؤمن/ مسلم كافر، وإسباني متحضر/ ومغربي متوحش...أما في المقام الثاني، المرتبط بدراسة وتحليل المجتمع والبلاد المغربية فقد تم توظيف تقنية التقسيم الثنائي (عرب/أمازيغ ومدينة/بادية وبلاد السيبة /بلاد المخزن) في المرحلة الأولى من تطور الخطاب الأفريقاني التي ابتدأت مع حروب الاسترداد، وعرفت قمتها مع وصية إزابيلا الكاثوليكية سنة 1504م، وانتهت بعد سنوات من حرب تطوان (1859-1860م)، وتجدر الإشارة إلى أن الإسبان لم يتخلصوا من رواسب هذه الفترة إلى يومنا هذا، فهي جزء لا يتجزأ من وعيهم الجمعي. فالخطاب المستعمل في المرحلة الأولى يتم بعثه من رماده في كل مواجهة مباشرة تنشب عنها أزمة سياسية كبيرة كالمسيرة الخضراء، وأزمة جزيرة ليلى 2002، وأزمة حصار سبتة ومليلية الأخيرة، وأزمة ترسيم الحدود البحرية...

    أما ما ميز المرحلة الثانية من الخطاب موضوع الدراسة، فهو التخلي عن المرحلة الأولى بشكل تدريجي وليس بشكل كلي كما سبق وذكرنا، ليتم التغيير عبر استراتيجية سياسية جديدة تقوم على تبني خطاب أقل حدة يقوم على توظيف لغة حبية يكسوها معجم دلالي ومفاهيمي ودي وتوافقي يصبو إلى التقارب والتناعم، انطلقت بوادره منذ سبعينيات القرن التاسع عشر مع إنشاء الجمعيات الأفرقانية والجغرافية والتجارية كالجمعية الجغرافية بمدريد 1876م،[3] وجمعية الأفريقانيين والمستعمرين 1883[4] الإسبان وغيرها إلخ. فالأفريقانيين راهنوا على استراتيجية التوغل في المغرب عبر الفعل السلمي والحضاري "La acción civilizadora"، بدل المواجهة المباشرة، وكانت نظرية اتصالهم ذكية تميل إلى التقرب من المغرب والمغاربة ومحاولة اكتشافهم من الداخل عبر الاحتكاك المباشر معهم بغية استمالتهم بالحداثة والتحديث عن طريق إظهار التفوق الحضاري والاقتصادي والصناعي والأخلاقي، لجذب المغاربة. ولا مندوحة من الاعتراف بأن خطط الإسبان المنقولة من فرنسا وإنجلترا كانت ممنهجة ومدروسة، وعلى الأقل، فقد استطاعت إقناع السواد الأعظم من المجتمع الإسباني ( غير متعلم) بمساعدة الآلة الدعائية الشرسة للمؤسسات العسكرية وحليفتها الأفريقانية[5].

    ما يجب الانتباه إليه في طرحنا هذا، هو أن في المرحلة الثانية صار الخطاب رهين بحرب نفسية أكثر مما هي مواجهة عسكرية. وقد انبرى لهذا الدور الذي أمسكت بزمام أموره وسائل الإعلام بترويجها لخطابات السياسيين ونشر كتابات ومذكرات الرحالة والمستكشفين والعسكريين والجواسيس الإسبان الذين قدموا وعاشوا فترة لا بأس بها في المغرب كخواكين غاطل إي فولش[6] ومورغا[7] وإيميليو بونيلي[8] وغيرهم… جميعهم عملوا على تقسيم المغرب وفصله عن جنوبه بكتاباتهم المؤدلجة التي تخدم أجندات الاتجاه الأفريقاني ومصالحه بعدما أقنعوا أعلى هرم السلطة في المملكة الإسبانية بضرورة احتلال سيدي إفني التي انتزعوها بفضل البند الثامن من معاهدة واد راس سنة 1861 التي ضمنت لهم أراض شاسعة في مصب واد نون، ليطمعوا بعدها في السيطرة على أراضي واد نون كلها ومعها الساقية الحمراء وواد الذهب.

    وتعود أسباب هذا التحول المفاجئ للخطاب المستعمل في المرحلة الثانية من الشدة والضراوة والعدوانية إلى اللين والاعتدال، إلى الظروف التي فرضتها السياقات العالمية على إسبانيا، والتي أضعفتها وجعلتها تعيش وضعية صعبة داخليا وخارجيا سنتناولها كلها إن شاء الله في المقال القادم المشار إليه أعلاه.

    وجدير بالذكر أن معظم منظري السياسة الأفريقانية وما أنتجوه من أدب كولونيالي في المرحلة الثانية التي جاءت بعد حرب تطوان 1859-1860، كانت تدفع الرأي العام الإسباني إلى ضرورة وحتمية احتلال المغرب سلميا لإنقاذ ماء وجه إسبانيا أمام الأمم الأوروبية العظمى[9]، وفي نفس الوقت، تصريف الأزمات الداخلية والخارجية المتمثلة في ضياع المستعمرات ومعها الموارد والخيرات التي كانت تأتي منها والهزائم المتتابعة أمام إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك، لم تتخل يوما الكتابات الاستعمارية عن نزعتها الاستشراقية التي كانت تصل لدرجة العنصرية وكانت دائما ما تنطلق من نية خبيثة يحكمها منطق الاستعلاء الكولونيالي الراغب في فرض الهيمنة على البلاد المغربية، والطامح برغبة جامحة في الاستغلال والسيطرة على مواردها التي من شأنها أن تخرج إسبانيا من هزائمها الخارجية وأزماتها الداخلية في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر.

    كل الأفريقانيين كخواكين كوسطا[10]، وخوصي دي كارفاخال إي هوي[11] ، وجوميرسيندو دي أثكاراطي[12]، وكانوباس ديل كاستيو[13]، أنطونيو ماورا[14]، وغابرييل رودريجيز[15]، بالإضافة إلى فرانييسكو كوهييو دي برتغال كيسادا[16]، كانوا في بداية الأمر يحرسون على الدفاع عن مصالحهم في المغرب ضد كل الأطماع الأوروبية الموجهة نحوه، ودافعوا عن ما يسمونه "الحقوق التاريخية" لإسبانيا واستثمروها ضد كل محاولات لاحتلال الجار الجنوبي، حيث اعتبر المساس بوحدة المغرب واستقلاله مسألة طعن في الشرف الإسباني، بمعنى أن الإسبان لم يسمحوا بوجود أي قوة غيرهم على أراضي الامبراطورية المغربية، وقد صرح في هذا الصدد، ذات مرة في الاجتماع الذي عقد بمسرح الحمراء في مدريد يوم 30 مارس 1884 تحت شعار: "مصالح إسبانيا والمغرب متناغمة" لاستعراض وتدارس أهمية احتلال المغرب من طرف إسبانيا مايلي:

        "كيف سيكون حال إسبانيا في اليوم الذي تحتل أمة عظمى أخرى السواحل والأراضي القريبة منا! يمكننا أن نرى نحن بطمأنينة أن يرفرف بجانب علمنا على السواحل الإفريقية المطلة على المتوسطي والمحيط الأطلسي علم أمة مستقلة، بمعنى، اللواء المغربي. ولكن أعتقد أن الكرامة الإسبانية لن تسمح بقيام قوة أخرى غير المغربية في هذه السواحل[...] وتابع "من الدقة بمكان العمل دون توقف لزرع هذه الأفكار لتتشكل في إسبانيا إجماعا للرأي حول خصوصية الموضوع، وأن يفهم الجميع أن أي هجوم على استقلال المغرب مهما كان صغيرا سيكون هجوما على أمة إسبانيا[...] لن تدخر إسبانيا في سبيل شرفها تضحياتها ولا مجهوداتها ولا دمائها كما فعلت في عدة فترات من تاريخها" وتابع " لقد استطاعت الطبيعة تحطيم الروابط التي كانت توحد شبه الجزيرة الإسبانية مع إفريقيا في العصور الجيولوجية، لكنها لم تستطع تكسير بالكامل آلاف الروابط التي تجمعنا معها سواء بالعرق أو بالأرض..."[17]

    أما المرحلة الثالثة، التي ابتدأت أولا مع اجتماع مسرح الحمراء في مدريد في 30 مارس 1884، وامتدت إلى 18 مارس 2022 مع الرسالة[18] التي بعثها رئيس الحكومة الحالي بيدرو سانشيز للعاهل المغربي يخبره فيها اعتزام بلاده الاعتراف بمغربية الصحراء وفتح صفحة مشرقة جديدة في تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية، فقد تميزت بعدة خصائص في بداياتها في الربع الأخير من القرن التاسع عشر أهمها اللجوء إلى استرجاع كل ما يوحد بين المغرب وإسبانيا واستخدام مفاهيم "رومانسية" من قبيل "المغرب الأندلسي"[19] التي صاغها بلاص إنفانتي[20] و"إسبانيا الإسلامية" التي اشتغل عليها رودولفو خيل ابن أمية[21]... وما يجمعهما من قواسم مشتركة كالتاريخ والعرق والجغرافيا والعادات لتبرير "حقوقها التاريخية" المزعومة في المغرب قبل فرض الحماية، واستبعاد كل فرضية مطالبة بالاحتلال من طرف كل من فرنسا وإنجلترا وألمانيا. ففي الأرشيفات والكتب الإسبانية توجد عشرات الأقوال التي يتجلى فيها الخطاب السياسي الإسباني المعسول الموجه للمغرب والمغاربة، وفي هذا الإطار، لا يوجد كلام أقوى من ذاك الذي قاله قنصل إسبانيا في المغرب (في موغادور) فرانسيسكو لوثانو Francisco Lozano في عهد مولاي الحسن الأول، يصرح فيه أن:

        "في تاريخ الوطن خلال 800 سنة نحن جيران وبالإضافة إلى ذلك نحن إخوة، في نفس المنازل التي هم ازدادوا فيها وفي نفس المهد حيث ابتسموا للمسات أمهاتهم ازددنا نحن وابتسمنا لمداعبات أمهاتنا...في نفس المساجد التي يرفعون للسماء صلواتهم ودعاهم نصلي نحن الآن كذلك. وحيث كانوا يتوضؤون بمياه وادي بيتيس...وفي نفس ثلمات الحصون والمآذن التي كانت شهودا خرساء على ولع حبهم، نبحث نحن أيضا ترضية الروح ومتعة القلب. هم يسمون بارغاس ولوبيز وغارسيا وروبيو ولوزانو ونفس الأسماء نحملها نحن بافتخار ومحبة".[22]

    أما اوخينيو نويل[23]، فيؤيد ابن بلاده بالتأكيد على أنه "لا يوجد أكثر شبه لأندلسي، أو إكسترامادوري أو فالينسي من ذاك الموجود في المغربي.."[24].

    وسخرت لنشر هذه الأفكار وتعميمها الآلة الدعائية في أقصى مداها في حقبة فرانكو باستعمال الراديو والسينما والصور والصحف والمجلات وشتى أنواع البروباغاندا قصد تهدئة الأوضاع والحفاظ على المكتسبات والاستقرار والدعوة إلى الانخراط في المشروع الاستعماري وتقبل الوجود الإسباني في الأراضي المغربية.


    وبانتهائنا من الشق الأول من خطاب ثاباتيرو ننتقل إلى ما يخص الشق الثاني من خطابه، فهناك يكمن مربط الفرس الذي لابد فيه من الوقوف عليه وتحليله وفحصه بشكل دقيق. فقد صارت إسبانيا اليوم، على لسان رجل حكيم كحال ثاباتيرو، تُطَبّعُ -كما حدث لأول مرة في 18 مارس 2022 مع رسالة سانشيز- مع فكرة أن المغرب صار شريكا له من السيادة والاستقلالية والقوة والحلفاء والعلاقات الدولية ما يجعله ندا لابد من احترامه والتقرب منه. وأضحى الإسبان يدافعون على الوحدة الترابية للمغرب ويحاربون في نفس الجبهة معه. وهذا إن دل على شيء، فهو يدل على أن الإسبان تغير حالهم إلى الأفضل بعدما اقتنعوا أخيرا بعد قراءة دقيقة للمتغيرات بأن مغرب الأمس الذي احتلوه وقسموه وفرضوا عليه منطقهم الاستعماري الظالم فيما مضى، ليس كمغرب اليوم الذي اشتد عوده وغذا يتمتع بتوازن واستقرار سياسي واقتصادي متين لا تجاريه فيه كل التوازنات في منطقة شمال وغرب افريقيا، وصار مفتاح الدخول إلى جنة الفرص في القارة الإفريقية الفتية الواعدة ، كما أن المغرب يقدم لإسبانيا بشكل فوري حلولا فورية لمشاكل عويصة تواجه إسبانيا كالهجرة والجريمة المنظمة والإرهاب.

    وقد أعطانا الحق السيد ثاباتيررو فيما استعرضناه سابقا في الأجزاء الثلاثة السابقة من مقالنا "راديوغرافيا الاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء"[25] بقوله في مداخلته بأن "قرار بيدرو سانشيز بالاعتراف بمغربية الصحراء كان ذكيا وحكيما"، وأصر على ضرورة الحفاظ على هذه المكتسبات التاريخية بالتشبث بكل ما يوحد المغرب وإسبانيا من رموز وأعطى المثال بمدينة تطوان وما تمثله جامعاتها من دور فعال يساهم في تقريب وجهات النظر من خلال ما تزرعه من وعي كبير بالقضايا المصيرية والتحديات التي تواجه البلدين. وصف ثاباتيرو الطلبة بأنهم سفراء المستقبل الذين تعلموا من داخل حجرات ومدرجات الدرس الأكاديمي التفكير الموضوعي والمنهج العلمي الرصين القادر على إذابة الخلاف والتوصل إلى الحلول السليمة. فهم، في تقديره، من سيلعبون دور الجسر الذي سيجمع بين البلدين ويقوي علاقتهما، كما أنه أعطانا الحق للمرة الثانية على ما حللناه وخرجنا على إثره من استنتاجات كثيرة في الجزء الثاني من مقالنا على موقع باب المغاربة "راديوغرافيا الاعتراف الاسباني بمغربية الصحراء"[26] بإعطائه المثال -الذي يجب أن يحتذى به ويكون مرجعا لابد وتكراره في المستقبل- بالاستقبال الذي خصصه جلالة الملك محمد السادس لبيدرو سانشيز ومائدة الإفطار الرمضانية التي أقيمت على شرفه يوم 07 أبريل 2022، وما تمثله من رمز للأخوة والمحبة والعهد الجديد الذي يعد بشراكة مثمرة ممتدة ومستمرة. وفي هذا الصدد لم يتوقف عن التذكير على ضرورة السعي نحو مراكمة كل ما من شأنه تمتين العلاقات المغربية الإسبانية للمضي قدما نحو التطور والازدهار. وفي أسئلة وجهتها للسيد ثاباتيرو عن رمزية اللقاء المنظم في المدرسة العليا للأساتذة ومدى أهميته، وهل يمكن اعتباره منعطفا في تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية وهل سيتم استثمار نجاح هذا اللقاء بتنظيم برامج مشابهة لهذا المؤتمر الدولي؟ أجاب: "إن هذا اللقاء الذي جرى في تطوان سيكون مرجعا غاية في الأهمية من أجل النقاش والحوار بين ممثلي كل من المغرب واسبانيا في الاقتصاد والثقافة والسياسة"، وأضاف " أخبروه أن هناك رغبة كبيرة من طرف مسؤولي جامعة عبد المالك السعدي في إعادة تكرار هكذا لقاءات علمية".



    إن الرسائل الظاهرة والمشفرة في الشق الثاني من خطاب ثاباتيرو يمثل المرحلة الرابعة للخطاب الأفريقاني الذي سيكون أرضية صلبة ستبنى عليها العلاقات المغربية الإسبانية لما تمثل من تغيير وتطور صارخين للخطاب الأفريقاني الجديد، ومعها يتجلى التحول الجذري الذي تبنته إسبانيا منذ أن بعث رئيس حكومتها بيدرو سانشيز يوم 18 مارس 2022 رسالته الشهيرة التي تعترف فيها بالصحراء المغربية عبر تأييد المشروع الذي قدمه المغرب منذ 2007 القاضي بتمتيع الصحراء بالحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وتأكد هذا القرار عندما صادق عليه البرلمان الإسباني بالأغلبية الساحقة يوم 14 يوليوز 2022، ليتأكد أن قرار سانشيز هو قرار دولة وتوجه أمة، وما كلام ثاباتيرو وما أنتجه من خطاب في اللقاء مجرد انعكاس ضمني لتغير طارئ حدث على مستوى العقليات والذهنيات جراء ما استجد من أحداث ومتغيرات اقليمية ودولية شكلت السياقات الخارجية والداخلية التي أثرت في طريقة تفكير وتمثلات إسبانيا للسياسة الخارجية، وبشكل خاص، في علاقاتها مع المغرب.

    ختاما، ما نستخلصه في نهاية تحليلنا لخطاب السيد خوسي لويس رودريغيز ساباتيرو الذي لم يكن يمثل نفسه فقط، بل كان صوتا للسياسة الخارجية لبلده فيما يتعلق بتشبث إسبانيا بالدفاع عن مغربية الصحراء ومعه تقوية العلاقات بين المملكتين في جميع المجالات: أولا، هو قدرته العالية على الخطابة بإنتاج خطاب سياسي جيد، بمعنى أنه قدم للمتلقي خطابا واضحا ودقيقا ومتخصصا، مع استيفائه درجة لابأس بها من الجدة والأصالة، وكان طول الوقت خطابا ممنهجا وجذابا ومتنوعا...وفوق كل هذا وذاك، حقق درجة عالية من التفاعل والتأثير في الجمهور. هكذا خطابات تصلح أخذها كأنموذج في دراسات التحليل النقدي للخطاب وعلم النفس المعرفي والعلوم السياسية وعلم النفس الاجتماعي... كما أنه يعتبر خطابا مرجعيا لدراسة السياق، ليس في تناوله وتعريفه السطحي المرتبط بالظرفيات أو العوامل أو الوضعيات السياسية الاجتماعية والجغرافية والاقتصادية والثقافية التي تؤثر في صنع الأحداث، وإنما هو فرصة لدراسة سياق النص الذي يضمر المعرفة والسيكولوجيا وذهنيات الفاعلين والمتداخلين في العملية التواصلية والممارسات والتنظيمات الاجتماعية[27]...وعلى ضوء ما سبق، تكتشف أهمية دراسة السياق كعامل أساسي مساعد في مراقبة مظاهر وشروط بناء النص وكذلك تكييفه حسب الظروف والتمثلات التي من شأنها فتح الطريق لفهم وقراءة النماذج الذهنية والوضعيات التواصلية وكذا الأطراف المتدخلة فيها لإنتاج الخطاب.


الإحالات المرجعية والهوامش



[1] يعتبر الاتجاه أو المذهب الأفريقاني أو الأفريقي من أهم الحركات السياسية التي كانت تسعى إلى ضرورة احتلال المغرب في القرن التاسع عشر، وقد شكله نخبة من الأكاديميين ورجال السياسة ورجال الأعمال وكبار المسؤولين العسكريين وهو وليد الحمى الكولونيالية الأوروبية وطموحاتها التوسعية في إفريقيا. وقد ركز منذ القرن التاسع عشر على ضرورة الاستفادة من الدول التي تجمع معها علاقات تاريخية في إفريقيا مثل المغرب وغينيا الاستوائية بالطرق السلمية، على تشجيع إسبانيا عبر شركاتها ورجال أعمالها إلى الاستثمار في التجارة والفلاحة والصيد البحري والفوسفاط والمناجم في المغرب واستغلال -ما أمكن توفره-من خيرات ومصادر طبيعية وطاقية على رأسها النفط في غينيا الاستوائية.


[2] Yasmina Romero Morales, Prensa y Literatura en la Guerra de África (1859-1860), en “ Historia Contemporánea, num.49, pág. 631


[3] هي أقدم الجمعيات الجغرافية الإسبانية. تأسست في 2 من فبراير عام 1876 تحت اسم جمعية مدريد الجغرافية، على غرار ما حدث في بلدان أخرى ضمن التيارات والأفكار السائدة في ذلك الوقت والتي اعتبرت التواصل بين الأمم والتوسع الاستعماري والاكتشافات والجغرافيا، باختصار، كأولوية. الهدف من عمل البلدان والدول.




[4] بعد تنظيم المؤتمر الإسباني للجغرافيا الاستعمارية والتجارية في عام 1883 ، الذي نظمته الجمعية الجغرافية بمدريد، تم إنشاء رابطة الأفريقانيين والمستعمرين (التي تحولت إلى جمعية الجغرافيا التجارية في عام 1885) ، والتي نظمت بعثتين استكشافية بدعم مالي من الأفراد ومن نفس المحاكم. ذهب مانويل إيرادير وأمادو أوسوريو إلى المناطق الداخلية لنهري موني وسان بينيتو ، في خليج غينيا ، بينما غادر بونيللي روبيو مهمة احتلال الأراضي الواقعة بين كيب بوجادور وكيب بلانكو «للوصول إلى مصائد الأسماك في المحيط الأطلسي من هناك ومن الداخل. إلى الطريق عبر الصحراء التي تتواصل مع تمبكتو » ينظر-: José Antonio Rodríguez Esteban, «Expediciones españolas. Un sueño efímero», Boletín de la Sociedad Geográfica Española, Madrid, 2005, p.30




[5] Yasmina Romero Morales, op.cit. p.627


[6] خواكين غاتيل إي فولش Joaquín Gatell Folch ، مستكشف وجاسوس أسباني معروف في كتب التاريخ باسم القائد إسماعيل الذي قاده الفضول والمغامرة ورغبته الشديدة في احتلال المغرب. ولد في بلدة ألتفويا Altafulla بمقاطعة تاراغونا Tarragona في 3 من يناير 1826، نأثر كثيرا بحياة الجاسوس الإسباني دومينغو باديا المعروف في المصادر التاريخية ب علي باي العباسي. تمكن غاتيل من الاندساس داخل الجيش المغربي بعدما أوكلت له مهة تكوين الجيش المغربي في 12 من ماي 1861، لما أظهر الرجل من براعة في الرماية وشارك في عدة حملات ضد قتيلتي بتي حسان والرحامنة. وبعد 3 سنوات (1864) من الخدمة وبطلب من الحكومة الإسبانية هرب إلى الرباط وبعدها للجنوب(سوس) منتحلا صفة طبيب، وهناك سجل ووثق ورسم الخرائط ودون كل المعلومات والملاحظات التي أخذها عن المناطق التي زارها ليمدها لرؤسائه في إسبانيا فور عودته سنة 1865. وفي 1879 وبدعم من "الجمعية الدولية لاكتشاف إفريقيا" التي كانت لها أهداف سياسية وتحت الرعاية السامية لملك بلجيكا "ليوبولد الثاني" الذي كان يمول هذا المشروع، كان غاتيل على وشك الرجوع إلى المغرب لولا أن وافته المنية في مدينة قادش في 13 من يناير من نفس السنة. من اهم أعاله حول المغرب نجد: "الثورات في امبراطورية المغرب سنة 1882"، و "يوميات الحملة التي قام بعا السلطان سيدي محمد ابن عبد الرحمان ضد بني حسان وارحامنة"... ينظر-: موقع الأكاديمية الملكية الإسبانية للتاريخ.







[7] خوسي ماريا دي مورغا إي موغارتيغي José María de Murga y Mugártegui، المعروف في المصادر التاريخية ب المورو الباسكي el moro vizcaíno، هو عسكري وجاسوس وكاتب ومستكشف إسباني ولد في 20 من شتنبر 1827، وتوفي في قادش في الفاتح من ديسمبر 1876. تربى مورغا الذي ينتمي إلى أسرة عسكرية منذ صغره على العمل العسكري وتقديس الدفاع عن الوطن وبالفعل إلتحق بالجيش وشارك في عدة معارك داخل إسبانيا. جاء اهتمامه بالإسلام والعالم العربي بعد ذهابه ضمن الكتيبة الإسبانية لشبه جزيرة القرم لخوض الحرب (التي لم يشارك فيها وكان شاهدا فقط) الدائرة هنالك ما بين سنتي 1883 و1856 بين الإمبراطورية الروسية والامبراطورية العثمانية، وزاد تعلقه بالدراسات العربية وتاريخ المغرب العربي والطب خلال إقامته بباريس ما بين 1855 و1859. وأمام تأثره بأفكار البيئة الثقافية السائدة آنذاك، وتعلقه الشديد بالاتجاه الرومانسي وأدب الفرسان وتعلمه للغة العربية، بالإضافة إلى حبه الجارف لأسطورة دومينغو باديا ومغامراته في المشرق والمغرب، تولد لديه حلم تكرار التجربة وصنع مجد خاص به، وهناك قرر الذهاب للمغرب ونجح في ذلك عندما وصل إلى طنجة في فبراير 1863 وتوغل داخل المجتمع المغربي مستخدما اسما مستعار: الحاج محمد البغدادي (المورو بيسكايينو). وترك كل انطباعاته وملاحظاته بعد عودته إلى إسبانيا سنة 1866 في كتابه "ذكريات مغربية" "Recuerdos marroquíes Recuerdos Marroquíes del Moro Vizcaíno. José María de Murga (a) El Hach Mohamed el Bagdády, Bilbao, Imprenta de Miguel Larumbe, 1868 ينظر-: موقع الأكاديمية الملكية الإسبانية للتاريخ.





[8] إيميليو بونيلي إيرناندو Emilio Bonelli Hernando،، عسكري وجغرافي ومستكشف إسباني، من أهم الشخصيات الافريقانية وابرزها على الأطلاق، فهو من مؤسسي عدة جمعيات أفريقانية مهمة "كالجمعية الجغرافية بمدريد سنة 1876"، و"الجمعية الإسبانية لاستكشاف إقريقيا "1877، و"جمعية الأفريقانيين والمستعمرين "1883. يكفي القول بأنه أول من احتل شبه جزيرة وادي الذهب المغربية سنة 1884. ولد بسرقسطة في 7 من نونبر 1855، وتوفي بمدريد في 25 من نونبر 1926. للاضطلاع على حياته وأعماله الكاملة حول المغرب ينظر-: موقع الأكاديمية الملكية الإسبانية للتاريخ.





[9] Yasmina Romero Morales, op.cit.p.630.


[10] خواكين كوستا Joaquín Costa Martínez حسب ما جاء مدرجا في الموقع الرسمي للأكاديمية الملكية الإسبانية للتاريخ، هو رجل عصامي متعدد المواهب ولد في 14 سبتمبر 1846 في مونثون في إسبانيا، وتوفي في 8 فبراير 1911 في إسبانيا. يعتبر من اهم العبقريات التي مرت في تاريخ إسبانيا، فهو كان رجل دولة ومن صناع القرار في زمنه. خواكين كوستا كان أستاذا وأكاديمي يبحث في الكثير من المجالات كالتعليم والقانون والزراعة... وكان أيضا خبيرا في الاقتصاد وكاتب وعالم سياسة وسياسي ورجل أعمال أسندت له عدة مهمات ومناصب حساسة وله عدة مؤلفات، وهو من مؤسسي الاتجاه الأفريقاني والجمعية الجغرافية بمدريد... وأبرز مهندسي السياسة الاستعمارية وأكبر المدافعين على احتلال المغرب. للمزيد من المعلومات حول كوستا المرجو الاضطلاع على موقع الأكاديمية الملكية الإسبانية للتاريخ.




[11] خوصي دي كارفاخال إي اهوي José Carvajal Hué ، سياسي ومحامي وخبير اقتصادي ورجل أعمال وصحفي وكاتب إسباني. ولد بمدينة مالقا في 8 من أكتوبر 1835، وتوفي بمدريد في 4 من يناير 1899. تقلد عدة مناصب سياسية رفيعة كوزارة المالية ووزارة الدولة في عهد الجمهورية الأولى، وكان من بين الوجوه التي دفعت بالمشروع الأفريقاني الطامح إلى احتلال المغرب. ينظر-: موقع الأكاديمية الملكية الإسبانية للتاريخ.




[12] جوميرسيندو خوصي دي أثكاراتي منينديز Gumersindo José de Azcárate Menéndez، مفكر ومؤرخ ومحامي وأستاذ جامعي وسياسي إسباني ولد بمدينة ليون في 13 من يناير 1840، وتوفي بمدريد في 15 من ديسمبر 1917. يعد من الشخصيات السياسية البارزة في إسبانيا في القرن التاسع عشر، ومن أبرز الوجوه التي أثرت في أفكار وتوجهات وسياسات المذهب الأفريقاني في سعيه لاحتلال المغرب. للتوسع أكثر حول حياة أثكاراتي المرجو الاضطلاع على موقع الأكاديمية الملكية الإسبانية للتاريخ.




[13] أنطونيو كانوباس ديل كاستيو Antonio Cánovas del Castillo، ولد بملقة في 8 من فبراير 1828، هو زعيم سياسي ومؤرخ إسباني، يعتبر هذا الرجل علامة فارقة في تاريخ إسبانيا السياسي، شارك إلى جانب صديقه الجنرال أودونيل في ثورة 1854 التي انهت سطوة عشر سنين من حكم اللبراليين، وكان ديل كاستييو من صاغ بيان مانساناريس الذي هيج الجماهير. وكان له الفضل الكبير في ارجاع أسرة البوربون للحكم، ونفسه من ترأس مجلس الوصاية على الملك الفونسو الثاني عشر بعد أن كانت اسبانيا جمهورية ما بين 1871-1873، وساهم في صياغة دستور 1876 وصادق عليه، وقعد وأسس لقواعد السياسة في إسبانيا ما ينيف عن ربع قرن عبر تأسيسه وترأسه حزب المحافطين سنة 1874، وشغله لمنصب رئيس مجلس الوزراء في عدة ولايات، وقد امتد فكره وأثر طويلا حتى بعد موته فيما يعرف بالفكر الكانوفي القائم على ثلاث دعائم: الملكية والكورتيس والتناوب السلمي للسلطة بين حزب المحافطين الذي كان كانوباس زعيمه وحزب التقدميين الذي مان على رأسه ساغاستا أشد خصوم كانوباس. ومع ذلك كان هذا الأخير معروف باتباعه سياسة القمع والتعذيب في حق المعارضين وتزوير الانتخابات للحفاظ على الوضع السياسي السائد مما أدى الى قتله بعيار ناري على يد أحد عناصر حركة الفوضويين (أيطالي) في 8 من شهر غشت 1897 ببلدة سانتا أغيدا بمقاطعة غيبوسكوا. ينظر-: موقع الأكاديمية الملكية الإسبانية للتاريخ.




[14] أنطونيو ماورا إي مونطانير Antonio Maura y Montaner ، سياسي إسباني ورئيس مجلس الوزراء 5 مرات في عهد ألفونسو الثالث عشر، يعد من أقوى زعماء حزب المحافظين الإسباني عبر التاريخ بعد كانوباس ديل كاستيو، ولد ب بالما دي مايوركا قي 2 من مايو 1853، وتوفي في توريلودونيس (مدريد) في 13 من ديسمبر 1925، وهو عضو بارز في رابطة الأفريقانيين الإسبان التي تأسست في 10 من يناير 1913 بعد شهور قليلة من فرض الحماية على المغرب. وكان من أهداف هذه الرابطة البحث في السبل الكفيلة لاستغلال المغرب والحفاظ على مصالح إسبانيا. ينظر-: موقع الأكاديمية الملكية الإسبانية للتاريخ.




[15] أنطونيو غابرييل رودريز بنديكتو Gabriel Rodríguez y Benedicto، مهندس إسباني متخصص في تشييد الطرفات والقنوات والموانئ، بالإضافة إلى أنه محامي وأستاذ جامعي ومنظر في الاقتصاد، ويضاف إلى سعة علمه وتعدد مواهبه أنه ملحن مشهود له بالعبقرية وسياسي مدافع كبير عن الليبيرالية وكاتب من الطراز الأول وناشط حفوفي...ولد ببلنسية في 9 من ديسمبر 1829، وتوفي بمدينة مدريد في 20 من ديسمبر سنة 1901. وهو من كبار شخصيات الاتجاه الأفريقاني التي ضغطت من أجل احتلال المغرب في القرن التاسع عشر. للمزيد من المعلومات حول حياة وأعمال رودريغيز المرجو الاضطلاع على موقع الأكاديمية الملكية الإسبانية للتاريخ.




[16] فرانسيسكو كوهييو دي برتغال كيسادا Francisco Coello de Portugal y Quesada من أهم علماء الخرائط الإسبان في القرن XIX. وهو كذلك سياسي ورجل عسكري من قادة الاتجاه الأفريقاني والجمعية الجغرافية بمدريد وعدة جمعيات اخرى، وهو أبرز منظري المشروع الاستعماري الإسباني القاضي باستعمار المغرب. ولد بمدينة جيان الاندلسية Jaén بتاريخ 26 أبريل 1822 وتوفي بمدريد في 30 من شتنبر 1898. من أهم مؤلفاته في علم الخرائط نجد كتاب: أطلس إسبانيا ومواقعها في ما وراء البحار Atlas de España y sus posesiones de Ultramar. للمزيد من المعلومات حول كوهييو المرجو الاضطلاع على موقع الأكاديمية الملكية الإسبانية للتاريخ.



[17] Véase El discurso de Francisco Coello en el Meeting celebrado en Teatro de Alhalambra de Madrid, recogido entre otros discursos de celebérrimas figuras africanistas en el libro “ Intereses de España en Marruecos: Discursos pronunciados”, Madrid, Sociedad española de Africanistas y Colonistas,1884, P. 8


[18] هي الرسالة التي خصصنا لها ولأهميتها حيزا مهما من التحليل في الجزء الأول من مقالنا السابق "راديوغرافيا الاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء" في موقع باب المغاربة، بتاريخ 04/04/2022 وهذا رابط المقال:

https://www.babalmaghariba.com/2022/04/blog-post_78.html


[19] Manuela Marín, Testigos coloniales: españoles en Marruecos (1860-1959), Barcelona, edicions Bellaterra, 2015, págs.. 53-54


[20] بلاص إنفاتي بيريث دي بارغاس Blas Infante Pérez de Vargas، هو سياسي ومفكر إسباني تأثر كثيرا بالحضارة العربية والإسلامية الموجودة قي الأندلس ،وحسب رأيه "فالهوية الأندلسية لم تأت بالدم والعرق، بل بالوجود والمعرفة" ، ولد ببلدة قشريش بمقاطعة مالقة في 5 من بوليوز 1885 وتوفي بإشبيلية في 11 من أغسطس 1936، ويعتبر إنفانتي أبو القومية الأندلسية الحديثة.


[21] رودولفو خيل بن أمية Rodolfo Gil Benumeya، هو أديب وصحافي ومستعرب إسباني، من أسرة غرناطية أصلها موريسكي تنسب نفسها إلى قائد ثورة البوشرات 1568-1571 محمد ابن أمية المعروف في الاسطوغرافيا الإسبانية ب Fernando de Valor حسب ما سمعته من ابنه الراحل رودولفو خيل غريماو Rodolfo Gil Grimau، في لفاء ثقافي بمدينة تطوان سنة 2008. سكن وشغل في القاهرة والجزائر وتطوان. كان من النشطاء الداعين للقومية الأندلسية. ولد في 5 من يونيو 1901 بآندوخار جيان ، وتوفي بمدريد سنة 1975.


[22] Francisco Lozano Muños, Crónica del viaje de Tánger a Fez y Mequínez de la embajada española, p. 80.


[23]اوخينيو نويل Eugenio Noel، اسمه الحقيقي هو Eugenio Días Muños، روائي وكاتب و عسكري شارك في حرب 1909 في مليلية، وقد أدخلته السجن آراءه الصادقة في كتاب له "ما رأيته في الحرب" وصف فيه ظلم وفساد واستبداد المؤسسة العسكرية. ولد بمدريد في 6 من شتنبر 1885، وتوفي ببرشلونة في 23 أبريل 1636.


[24] Eugenio Noel, Lo que vi en la guerra, Diario de un soldado, Barcelona, 1912, p.212.


[25] ينظر:- رابط الجزء الثاني من مقال نورالدين البكراوي، "راديوغرافيا الاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء"، في موقع باب المغاربة، بتاريخ 01/05/2022

https://www.babalmaghariba.com/2022/04/blog-post_57.html

ينظر:- رابط الجزء الثالث من مقال نورالدين البكراوي، "راديوغرافيا الاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء"، في موقع باب المغاربة، بتاريخ 11/5/2022

https://www.babalmaghariba.com/2022/05/blog-post_11.html



[26] نورالدين البكراوي مرجع سابق


[27] Teun A. Van Dijk, Discurso y contexto: Un enfoque sociocognitivo, Traducción de Andrea Lizosain, Editorial Gedisa, Barcelona, 2012, pp. 10-16.
تطور الخطاب الأفريقاني من خواكين كوسطا إلى ثاباتيرو

نورالدين البكراوي

تعليقات
    الاسمبريد إلكترونيرسالة