JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

 


Accueil

انزلاق الاستشراق

 





د. يونس البقالي - باحث في تاريخ الافكار والمؤسسات




من البديهي، أن اكتمال الوعي بالذات، لا يأتي في الغالب إلا عن طريق الاحتكاك "بالآخر"، فالإنسان لا يكتشف نفسه، هويته، إلا عندما يقف أمام شخص مختلف، ويجد نفسه في وسط لا يقاسِمُه نفس القيم الثقافية. يصبح ذلك الوسط المستجد على "الذات"، مرآة للشخص الطارئ، يرى فيه صورته بملامح وألوان لم يكن ليعيرها اهتماما من قبل. من هنا جاءت كل الثقافات والحضارات الإنسانية المختلفة تحمل صورتها عن "الآخر" الذي ظل هو «ذلك الذي تقضي الذات بمخالفته لها، وتحكم باختلافه عنها في نظم الحياة كلها»[1]. والفاحص فيها، متى نظر إلى الصورة التي ترسمها الذات عن الآخر، فإنه «يتبين أن تلك الصورة مزيج غريب وغير متجانس من العواطف والأحكام. فقد تكون، في الوقت ذاته، مشاعر من الاستبشاع والاستهجان والاستغراب من جهة كما قد تطفح بمشاعر الاستحسان والتقدير والتعظيم من جهة أخرى»[2].

     ولأكيد أيضا، أن عملية التحديد التي تقوم بها "الأنا" لذاتها – فردا كانت أو جماعة - لا تقتصر فيها على معطيات مرتبطة بزمن في حد ذاته، وإنما تسعى إلى توظيف معطيات الزمن إذ تتراكم، فتوظف فيها «عناصر كانت حاضرة في ماضيها أو تعتبرها كذلك، وأخرى تراها حاضرة في مستقبلها أو تعتقد في إمكانية حضورها فيه، عناصر هي في جميع الأحوال، تنتمي إلى دائرة "الآخر"، ماضيه وحاضره ومستقبله»[3].

     هذا وتحتفظ الصور التي تُشكِّلها "الذات" عن "الآخر"، بأنماط من النّفي والسلب أحيانا، والإضافة والتركيب أحيانا أخرى. ففي اقتباسٍ لمقولة هيجل "كل تَعيُّن سلب وكل سلب تعيّن"، يرى الجابري أن «العقل الأوروبي لا يعرف الإثبات إلا من خلال النفي، وبالتالي لا يتعرّف إلى الأنا إلا عبر "الآخر"»[4]، وهو شيء معهود - عند الجابري - في الفكر الأوروبي منذ القدم. من هنا أهمية النفي في التقليد الفلسفي الأوروبي عموما، «فالإثبات لا يقوم إلا عبر النفي، والأنا لا تتحدد إلا عبر الآخر [...] وبكيفية عامة فالعقل الأوروبي لا يرى العالم إلا من خلال تقابل الأطراف، كتقابل الأنا والآخر»[5].

     من هنا وعلى صعيد التعرف إلى الهوية في الفكر الأوروبي، فإن الجابري يعطي مجموعة من الأمثلة التاريخية في طريقة التعرف إلى الأنا في الرؤية الأوروبية للعالم، وهكذا فمنذ العهدين اليوناني والروماني والأوروبي يتعرف إلى هويته من خلال "العبد" داخليا و"البرابرة" خارجيا. وخلال العصور الوسطى مع انتشار المسيحية في أوروبا لم تكن تتعرف هذه الأخيرة إلى نفسها إلا من خلال وضعها "الإسلام" كآخر خصم وعدو. أما في العصر الحديث ومع انتشار الرحلات والاكتشافات الجغرافية، وذيوع الفكر العَلماني في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، «فإن ثنائية "الشرق" و"الغرب" أصبحت تحكم حديث الأوروبي عن نفسه، وهكذا أصبح الغرب لا يتعرف إلى نفسه إلا من خلال الصورة التي يبنيها لنفسه عن الآخر»[6].

    فالصورة التي رسمتها الذات الأوربية عن الشرق، لم تكن اعتباطية البتة، بعيدة عن التراكمات المترسخة في الذهن الأوربي الجمعي، أو خلفيات مهدت لها، إنها على العكس تماما مما قد يبدو أنه ناتج عن احتكاك آني بهذا الشرق المخالف، أو تقييد لمشاهدات عنه في الحاضر، بل هي نتيجة وعي ومعرفة سابقين. تبدو المعرفة الأوربية وكأنها استدعاء لتمثلات مسبقة، محددة وراسخة في الوعي الغربي، هي بمثابة مرجعية اتخذت شكل «منظومة متكاملة من القيم الجمالية والدينية والمعرفية: عن اجتماعها يكون ما يمكن أن نطلق عليه نعت "الوعي الثقافي"»[7].هذا الوعي الجمعي الذي سعى الفرد الأوربي من خلاله إلى التعبير عن فهمه للشرق، في الوقت الذي عبّر به أيضا عن انتماءه، وعما يفصل بينه، وبين الآخرين.

    ولا شك أن النظرة الأوروبية إلى الشرق بصفة عامة، تعدّت مستوى التتبع والدراسة المعرفيين إلى مستوى تأسيس مجال معرفي وأكاديمي خاص بها، له قواعده ومناهجه التي يتأسس عليها، ونعني بهذا الحقل المعرفي "الاستشراق". وهو علم اتّجه إلى وصف الشرق، ومنه العالم العربي الاسلامي، والتعامل معه «باعتباره "شيئا"، أي حقيقة تستدعي وصفا وتحليلا»[8]علاوة على ذلك، سعى الاستشراق إلى تناول الشرق دراسة وتحليلا من مختلف الجوانب المتعلقة به. ويصح أن نقول بأنه لجأ إلى «أبستمولوجيا جديدة لتشييء الآخر الذي في ضوئه يمكن أن يعزّز صورته باعتباره مجتمعا مسيحيا-أوروبيا متحضرا»[9]، بل إن أسماء بعض من أعلامه تعدّت حدود هذا المجال الأكاديمي إلى حقول معرفية وعلمية أخرى، ومنها: اللسانيات، الأنتربولوجيا، السوسيولوجيا وغيرها، يستشهد بنتائجها لدعم الأطروحات الاستشراقية، وترسيخ توجهاتها المعرفية على المستوى الأكاديمي.

   من هنا، وفي سياق اهتمام الغربيين بتكوين صورة واضحة ومفهومة عن الشرق، تجعل منها موضوعا للتناول والتدول، انتهى سعي الغربيين إلى تأسيس "الاستشراق" كحقل معرفي مستقل عما سواه من المجالات العلمية المألوفة، ومن ذلك أنه ظل يمارس في إطار مؤسسات أكاديمية، يتخصص أفرادها «في أحد فروع المعرفة المتصلة بالشرق من قريب أو بعيد»[10]، فجاء بذلك «أسلوبا للتفكير يرتكز على التمييز الأنطولوجي والابستمولوجي بين "الشرق" و"الغرب"»[11]. وقد كان لهذا المفهوم تأثير كبير على دراسات وأبحاث عدد كبير من الكتاب والفلاسفة والسياسيين... الخ، مما حدا بالكثير منهم إلى «أن يتقبلوا فكرة التمييز بين الشرق والغرب، كنقطة انطلاق لإقامة نظرياتهم وكتاباتهم الاجتماعية ودراستهم المختلفة... وأفكارهم الخاصة عن الشعوب الشرقية ومصائرها»[12]، ومنها العالم العربي والاسلامي بطبيعة الحال.

     فمنذ القرن الثامن عشر، وفي اللحظة التي اكتمل فيها تشكيل الغرب الأوروبي على أسس الحداثة، وأمام هذا الوعي الأوروبي بتجاوزه لذاته وللآخرين، تبلوَر لأول مرة مفهوم "الغرب" التقدمي والحداثي، في مقابل مفهوم "الشرق" الراكد في تاريخه، وصار طرفا الثنائية الأنا /الآخر عند الأوروبيين، هو "الغرب" في مقابل "الشرق". وعليه، اتجهت أوروبا إلى «ترتيب الشعوب الأخرى وثقافاتها في سلم التطور الذي ترى بأنها تحتل قمة هرمه، وذلك لتعليل تفاوت تلك الشعوب وهذه الثقافات في درجات ارتقائها لهذا السُّلَّم، ولتسويغ هيمنتها وسيطرتها عليها»[13]. ولمّا جاء القرن التاسع عشر، وظهر الاستشراق كحقل معرفي أكاديمي متخصِّص، «اشتَدَّ الاهتمام الأوروبي بالشرق بين مجموعة من الرومانسيين الذين وجدوا في موضوع الاستشراق، أي الشرق، مجالا رَحْبا وخِصبا لتجاربهم الأدبية الجديدة والمُتجدِّدة»[14]. وقد أسهم ذلك، بما لا يدعو إلى الشك، «في بلورة تصوُّرات عن الشرق، وتزويد جمهور عريض من الغربيين بها لاستهلاكها وإعادة إنتاجها»[15].

   على مستوى آخر،اتجهت النظرة الأوروبية إلى المجتمعات الشرقية، اتجاها متتاليا، فهي تتطور باتساع المصالح الأوروبية في الشرق عموما، وفي أحضان حقل معرفي ظل يُمارَس على مستوى أكاديمي، ويُستغَل في التوجهات الإمبريالية والتوسعية الأوروبية.في الوقت الذي كان الوعي الأوروبي عبر مدارسه الفكرية يتبارى في معرفة "الآخر" الذي هو "الشرق"، وإنتاج خطابات متنوعة عن نظمه ولغاته ودياناته وأعرافه وعاداته، كانت المؤسسة العسكرية للدول الرأسمالية الأوروبية الحديثة تقبل على استثمار تلك المعرفة بشكل كثيف وبتصور مزدوج. من زاوية معطياتها العلمية، في إبرازها للتناقضات الداخلية التي يرزح فيها الآخر، «عبر إظهار مناطق قوته وضعفه، قصد استغلالها في قيادة المعارك الحربية الرامية إلى استعماره واحتلاله. ومن زاوية ما تتيحه نزعتها الأورومركزية من تبريرات إيديولوجية تضفي شرعية مزعومة على ذلك الاستعمار والاحتلال»[16].

      لقد قطع الغرب الأوربي أشواطا في تعرفه على ذاته، وتيقّنه من تجاوز صورة أوربا القروسطية، وفي خضم تعرف الأوربيين على الكون والطبيعة من وجهة نظر، تحكّم فيها، وقادها العقل، انفتح الأوربيون على دراسة وتحليل شتى الظواهر المحيطة بهم بعقل متحرر اتخذ له الطبيعة موضوعا قبل أن ينتهي إلى وضع الشعوب الأخرى موضع الدرس والتحليل. ففي انفتاحهم وتعرفهم على حضارات الشعوب الأخرى، سيعمل الغرب الأوربي بداية على اتخاذ هذه الشعوب موضوعا له هوالآخر، وهكذا سيقوم الرحالة والمكتشفون الأوروبيون بتغذية المتخيَّل الأوروبي عن هذه الشعوب، برسمها وتقديمها على أنها شعوب همجية تنتمي إلى نظام الطبيعة هي الأخرى، ومن ثم، وباسم "مسؤولية الرجل الأبيض" وجب فصلها عن الطبيعة والارتقاء بها. «فموضوع السيطرة إذن في نظر الأوروبي هو هذا الآخر المخالف للأنا، الماثل في الطبيعة أولا، وفي الشعوب الأخرى المستغرقة في الطبيعة ثانيا. غير أن هذا الآخر سرعان ما أصبح المرجع الذي بالقياس إليه يتم تعرّف الأوروبي على ذاته، بوصفها ذاتا متميزة»[17].

     لقد وجد العقل الأوروبي العالم غارقا في مفاهيمه التقليدية، فاتخذ «منطلقا له، اكتشاف المادة، والسيطرة على العالم، فإذا به يسيطر على الإنسان الآخر وعلى ذاته»[18]، بعدما تمكّن من التغلُّب على النظرة الكَنَسِية للكون والطبيعة، بتجاوزها إلى نظرة أكثر تفاؤلية وطموحا، نظرةٌ تمجِّد العقل، وتجعل من الإنسان مركزَ المعرفة والإبداع. ليترسّخ بذلك وعي مزدوج بالتجاوز، تجاوز للذات وللآخر، وصار تحديد أطراف ثنائية "الأنا /الآخر" مبتذلا عند الأوروبيين، لكون الأنا الأوروبية الغربية – حسب هذه النزعة - «هي الذات العاقلة الواعية بذاتها وبالعالم. وما غيرها من الشعوب إلا موضوعا لفعلها التحضري المنسجم مع قوانين التاريخ الكوني وغاياته الحتمية»[19].

    ولا شك أن الغرب المتَولِّد عن الصيرورة التاريخية لأوروبا الغربية، على حداثة حمله لمشعل الحضارة البشرية، لم يفارق في اطلاعه على الشرق المغاير، تلك النظرة المركزية المتمركزة حول الذات الأوروبية في تعرّفه وتمثيله للآخر. ولعل ذلك مما أحدثه التغلب في الذات الأوربية من مشاعر التدفق المفرط لنشوة الانتصار، والإحساس بالتقدم، وقيادة الركب الحضاري، إن شئنا التفسير من باب علم نفس الحضارة. من هنا نجد معظم الدراسات الاستشراقية تميل إلى تقديم الغربعلى أنه متقدم بشكل متجاوز، ومفارق لما ألفه التاريخ، «بمعنى أنه يصنع التاريخ ويغير العالم. بينما اعتبر الشرق سكونيا وسرمديا»[20]،حتى كاد هذا التوجه المعرفي يصير قاسما مشتركا لدى «كل فئات الكتاب والمفكرين والأدباء وغيرهم، ممن عالجوا حياة الشرق في مؤلفاتهم، بصرف النظر عن ماهية هذه المؤلفات»[21].

    في جميع الأحوال، لم يكن الاستشراق لينال هذه الحظوة في الشرق قبل الغرب، ومنه المجتمعات العربية الاسلامية، لولا كثافة وتشعب الدراسات الاستشراقية التي كتبت في كل شيء، ومن أجل أي شيء أحيانا، إضافة إلى حضورها المكثف في القضايا والمسائل التي تبعث على الجدل، ومنها المسائل الدينية. ومما أضاف إلى الاستشراق تلك الأهمية كحقل معرفي أيضا، أن البعثات العلمية العربية الإسلامية إلى الديار الأوربية، قد فتحت الباب لكثير من أبناء المسلمين لتلقي علوم إسلامية على أيدي المستشرقين. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد استضافت بعض الجامعات العربية والإسلامية عدداً من هؤلاء للتدريس فيها، بما في ذلك تدريس اللغة العربية، من هنا كان لا بد للمنهج الاستشراقي أن يجد له موقعا في المؤسسات التعليمية العربية الإسلامية، بل ويؤثر في ذهنية النخبة من المفكرين والعلماء.

     يبقى أن النصوص الاستشراقية، وإن شكّلت مادة علمية اعتمد عليها بشكل كثيف في الساحة الأكاديمية سابقا،فإنها الآن فقدت الكثير من بريقها العلمي، بعدما تولّدت في الساحة العلمية والمعرفية، مناهج حديثة أقرب إلى التحليل الموضوعي من سابقاتها، وبعدما تعرض الاستشراق لسهام نقد أكاديمية كشفت نواقصه الموضوعية والمنهجية، وفضحت ميوله نحو المركزية الغربية، كما عرّت عن حجم ارتباطاته الاستعمارية[22].


المراجع



[1]سعيد بنسعيد العلوي، "أوروبا في مرآة الرحلة – صورة للآخر في أدب الرحلة المغربية المعاصرة"، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سلسلة بحوث ودراسات 12، الرباط، الطبعة الأولى، 1995، ص 11.


[2]نفسه، ص 12.


[3] محمد عابد الجابري، "مسألة الهوية –العروبة والإسلام والغرب"، مركز دراسات الوحدة العربية، سلسلة الثقافة القومية 67، بيروت، الطبعة الأولى، 1995، ص 91.


[4]نفسه، ص 183.


[5]نفسه، ص 184.


[6]نفسه، ص 184- 185.


[7] سعيد بنسعيد العلوي، "أوروبا في مرآة الرحلة – صورة للآخر في أدب الرحلة المغربية المعاصرة"، مرجع سابق، ص 12.


[8] بروس مازليش، "الحضارة ومضامينها"، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون، عدد 412، الكويت، مايو 2014، ص 25.


[9]نفسه، ص 25.


[10] شكري النجار، "لم الاهتمام بالإستشراق"، مجلة الفكر العربي، عدد 31، يناير /مارس 1983، مرجع سابق، ص 60.


[11]نفسه، ص 60.


[12]نفسه، ص 60.


[13] محمد عبد الواحد العسري، "الإسلام في تصورات الاستشراق الإسباني، من ريموندسلولوس إلى أسين بلاثيوس"، دار المدار الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 2015، ص 33.


[14]نفسه، ص 189.


[15]نفسه، ص 189.


[16] عبد السلام حيمر، "المغرب: الإسلام والحداثة"، منشورات الزمن، سلسلة شرفات 15، الدار البيضاء، 2005، ص 28.


[17]نفسه، ص 26- 27.


[18] جان بول شارنيه، "المشارق النَّقيضة، أو رؤية الآخر وفقا للذات"، مراجعة بطرس الحلاّق، مجلة الفكر العربي، عدد 32، أبريل – يونيو 1983، ج 2، ص 267.


[19] عبد السلام حيمر، "المغرب: الإسلام والحداثة"، مرجع سابق، ص 27.


[20] مايك كرانغ، "الجغرافيا الثقافية: أهمية الجغرافيا في تفسير الظواهر الإنسانية"، ترجمة : سعيد منتاق، سلسلة عالم المعرفة، للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، عدد 317، يوليو 2005، ص 95.


[21] شكري النجار، "لم الاهتمام بالإستشراق"، مرجع سابق، ص 60.


[22] يعتبر إدوارد سعيد من أهم رواد الفكر العربي المعاصر الذين استطاعوا هدم الأساسات المعرفية والمنهجية التي بنيت عليها الأطروحة الاستشراقية، والرد بالتالي على مزاعم المستشرقين من خلال نقد علمي واحترافية أكاديمية اخترقت حقل الاستشراق عميقا، بعدما تمكن الرجل من فضح النزعة الاستعلائية والرؤية الموغلة في المركزية للذات الأوربية في كتابتها عن الآخر الذي يعتبر "الشرق" تمثلا له، بالإضافة إلى فضح الأغراض الذاتية التي من أجلها تمّ تأسيس هذا الحقل المعرفي في رحاب الجامعات الأوربية، والمتمثلة في كونه امتداد معرفي لمشاريع استعمارية سعت إلى تحقيقها أوربا لحظة وعيها بتجاوزها للمجتمعات الأخرى. ويمثل كتاب الاستشراق لإدوارد سعيد أحد أهم المراجع النظرية التي كشفت عن الأبعاد الفكرية والسياسية للرحلات والدراسات الأوربية في علاقتها بالمستعمرات.

انزلاق الاستشراق

نورالدين البكراوي

Commentaires
    NomE-mailMessage