شعر: إريك ييب (ERIC YIP)
ترجمة: محمد قنور
في التاسعة عشرة من عمره، حصل طالب الاقتصاد "إريك ييب" من جامعة كامبريدج، على جائزة قدرها 5000 جنيه إسترليني عن قصيدته "أصوات احتكاكية "بمسابقة الشعر الوطنية في بريطانيا خلال دورة سنة 2022 ليصير بذلك أصغر شاعر يتوج بجائزة شعر وطنية مرموقة في بريطانيا .
إن قصيدة "أصواتٌ احتكاكية"، لإريك ييب الذي تمتد أصوله إلى هونغ غونغ، تتلاعب بالفكر وتمتح من اللغة والصدام اللغوي للتعقيب على مخلفات الاستعمار والعرق والهجرة والانتماء والشعور بالذنب بسبب ترك أرض الوطن. قال ييب لصحيفة الغارديان: "لقد كانت مفاجأة بالنسبة لي أن أفوز. إن الشعر هو بالتأكيد أحد الفنون التي تتحسن فيها الحياة. ومع تقدم العمر، تنمو تجارب العيش أكثر وتقرأ أكثر فتكتب أكثر. وأنا في التاسعة عشر من عمري، أحاول التفكير في الأمر: فما زال في جعبتي الكثير من الشعر لأكتبهُ، والمزيد من الشعر لأقرأه. وأرى هذه الخطوة كبداية، وتشجيعا لي لمواصلة الكتابة". وأضاف معلقا عن الموضوعات التي تشغل تفكيره أثناء الكتابة: "تشعرُ بالذنب إلى حد ما؛ لأنك عندما تكتب بالإنجليزية ولا تكتب بلغتك الأم وعندما تكتب عن وطنك (هونغ كونغ) وثقافتك الخاصة، فإنك تشارك بنشاط في استكشاف وترجمة واقعك بالشعر".
يأتي العنوان، "أصوات احتكاكية"، من المصطلح المعطى لنوع من الحروف الساكنة الناتجة عن الاحتكاك أثناء التنفس في الفتحة الضيقة أو لهاة الحلق، مما ينتج عنه تدفق مضطرب للهواء، مثل الأصوات (ف) و(ث) في كلمتي "free" و"three" كما في مطلع القصيدة.
تقول الشاعرة البريطانية فيونا بنسون: "إن أصوات احتكاكية قصيدة مليئة بالجمال. إنها تضع قارئها في مكانة طالب اللغة الإنجليزية كلغة ثانية، والحروف الساكنة الاحتكاكية التي تتشابك في أفواهنا عندما نتحدث. وتثير القصيدة فضولنا بالمعاني البديلة التي ترتكز بشكل غير مستقر على النطق؛ النطق الصحيح والتعليم الجيد في الخارج، وفخر الآباء بالأولاد وما يقابله من العالم السفلي في أرض غريبة مثل السجناء السياسيين والكبث وأرض المهجر المحفوفة بالمخاطر والأفق القاتم."
أصوات احتكاكية
ترجمة: محمد قنور
قالت السيدة "لي"[1]: لِتحدثِ الإنجليزية بطلاقة، يجب أن تدركَ
الفرق بين رقم "ثلاثة" وكلمة "مجاني".
فرَّ ثلاثة رجال من "ألكاتراز"[2] في زورق مطّاطي
وغرقوا في طريقهم إلى جزيرة "أنجِل"[3].
أتدركُ الفرق؟ جَرّب هذا:
كافحتَ في طريقكَ إلى الوجود. أهذا أفضل؟
أمعنِ النَّظر في هذه الصورة.
حبوبٌ صفراء طازجةٌ تُضرَبُ إلى أن تتناثر بذورها.
إنها عملية درس المحصول.
وهذا امتثالٌ، ويجب أن تتعلّمَ الامتثال
قبل أن تتمكن من التعلمِ.
يجب أن تحصلَ على صوتٍ قبلما تتكلّم.
فلا أحد يريدُ الاستماعَ لصبي
يضع نظارات ولكنتهُ من هونغ كونغ.
ستُلزَمُ بمغادرة هذه المدينة،
عبر هذه الأتلام المظلمة والمحشوة بعظام الأجداد.
أعرِفُ أن الموت شيء مجتهدٌ.
وستتحدّثُ عن أجسادٍ مكدومة
أجسادٌ أكثر نحافة منكَ،
ألزمِ القلمَ على تجاوز العِصِي والدَّم،
وسمّيها مادة جديدة للكتابة.
إنهم ينتبهون الآن. وأنتَ محظوظٌ بما يكفي
لتهتم بكيفية تحرُّكِ اللِّسان،
أنواع أصواته الاحتكاكية السبعة،
والوظيفة النطقية للأسنان
على غرار البقاء على قيدِ الحياة.
ستحصلُ على تعليم جيد في الخارج
وسيفتخر بك والديك.
ستتناول وجبة دجاج باردة في فمك
وتذهب إلى كشك للتبول
في المطعم "الكانتوني"[4] الضخم الذي تحبهُ وتتذوقه
إنه من أين أتيتَ، ومما صُنعت طيلة زمن.
دسّ بعضٌ من العمل فيه، وها هو يهدر.
هيا، امنحني شيء ما أقضمهُ.
تزور والدتك شخصٌ ما خلال أكتوبر،
وتخبرك كيف أن الجميع يتحدث بشكل مختلف هنا، وبلباقة أكثر.
وأنت تبتسمُ وتومئ برأسك، وتأتي بها إلى مطعمك المفضل،
تطلبُ "الديمسم"[5] باللغة الإنجليزية.
إنهم يطلقون سراح الطلاب الذين اعتقلوا منذ خمسة أعوام.
وأنت مجرد صبي تطلب المزيد
من صلصة الصويا "من فضلك"، "شكرا لك".
ويعيد التلفزيون الأمس تكراراً.
كما يعاد ملء أباريق الشاي.
تغازل الأرز بملعقتك صوب فمك،
ههذا الأرز مثالي النكهة.
إنه مبخر، وجيدٌ وأبيضُ.
الهوامش
[1] كناية على سيدة من هونغ كونغ؛ بلد الشاعر
[2] سجن فيدرالي أمريكي، عرف بكثرة عمليات فرار السجناء، أغلق سنة 1963
[3] جزيرة صخرية على ساحل سان فرانسيسكو
[4] لهجة من الشرق الأقصى (الصين وهونغ كونغ وتايبيه)، وهنا المطعم يقدم وجبات تقليدية من تلك المناطق
[5] وجبة صينية تقدم في سلال بحجم لقمة الفم.