JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

 


Startseite

التعدد في الزواج بين النص القانوني والنظرة المجتمعية

 



يوسف الأزرقمحامي متمرن بهيئة المحامين بطنجة، باحث في العلوم القانونية


لا ينعقد الزواج على وجه التأقيت، بل ينعقد وفق عقد شرع يكون أساسا للبقاء والاستمرار؛ باعتبار الزواج لم يشرع إلا لمقاصد سامية وأغراض نبيلة أهمها، تكوين الأسرة على وجه يكفل سعادتها ويحقق هناءها. وبناءا على ما سبق فالتعدد في الزواج من القضايا الكبرى المعالجة ضمن مدونة الأسرة المغربية لما له من آثار سلبية على تماسك وتساكن الزوجين.

فبالرغم من أن ظاهرة تعدد الزوجات تسير تدريجيا نحو الزوال على المستوى الوطني لاعتبارات كثيرة إلا أن إشكالاتها ما تزال تطرح بإلحاح، فبين حق الزوج في الاستمتاع بزوجة ثانية، وبين حق الزوجة الأولى في صيانة وتحصين حياتها الزوجية وحماية حقوقها الغير القابلة للتصرف؛ يسود التوتر والبغضاء بين الطرفين مما يحتم حماية الطرفين من التعسف على حقوق الآخر،


ومن هنا كان لا بد من تدخل مدونة الأسرة عبر أحكام ونصوص آمرة لا يجوز قانونا الاتفاق على مخالفتها نظرا لأنها من النظام العام، بحيث إذا ما أراد الزوج مثلا الزواج من امرأة ثانية، فالقانون يحتم عليه ضرورة سلوك مسطرة مضبوطة قانونيا على نقيض مما كان معمولا به سابقا في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، حيث كان الرجل يطلق متى شاء أو يتزوج بمن يشاء وفي أي وقت شاء ... ومع دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ سنة 2004 وتواتر القوانين ذات الصلة بها، ومصادقة المملكة المغربية على رزنامة من الاتفاقيات الدولية بالإضافة للفصول المتقدمة التي نص عليها دستور المملكة لسنة 2011، لم يعد تطبيق هذه الأفعال ممكنا قانونا.

وعموما فالشخص أو الزوج الذي يريد الزواج من امرأة ثانية يتوجب عليه تقديم طلب إلى المحكمة الابتدائية وتحديدا إلى قسم قضاء الأسرة وذلك بعد توافر جملة من الشروط المتطلبة قانونا في التعدد التي نص عليها المشرع المغربي في الفصول من 40 إلى 46 من مدونة الأسرة، حيث يمكن حصر أهم هذه الشروط فيما يلي :

1_ التوفر على الموارد الكافية لإعالة الأسرتين أي؛ الأسرة الأولى والأسرة الثانية التي يريد الزوج تكوينها. فالفقرة الثانية من المادة 42 من مدونة الأسرة تنص على أن يكون طلب الإذن بالتعدد مرفقا بإقرار عن الوضعية المادية للراغب في الزواج من امرأة ثانية.

2_ وجود مبرر موضوعي إستثنائي للتعدد، وبالتالي يطرح بإلحاح ما معنى هذا الشرط ؟ فالمقصود منه هو ارتكاز الزوج في طلبه على مبرر موضوعي يسمح له بالتعدد كأن تكون الزوجة الأولى عقيما لا تلد، أو تكون الزوجة غير قادرة على القيام بشؤون المنزل، أو تكون غير قادرة على معاشرة زوجها وبالتالي عدم تحقق الغاية المرجوة من الزواج وهو تربية الأولاد والاستمتاع وغيرها ..

وبعد ذلك تقوم المحكمة باستدعاء الزوجة المراد التزوج عليها للحضور من اجل محاولة الصلح وتقريب وجهة النظر بين الطرفين... ، وفي حالة فشل محاولة الصلح وثبت للمحكمة توفر الشروط المطلوبة، حددت المحكمة مبلغا لاستيفاء كافة حقوق الزوجة وأولادهما إن وجدوا الملزم -الزوج- بالإنفاق عليهم، وذلك داخل اجل 7 أيام وفقا للمادة 45 من مدونة الأسرة. على أن لا يتم العقد مع الزوجة الثانية إلا بعد إشعارها من طرف القاضي بأن مريد الزواج بها متزوج بغيرها ورضاها بذلك و يتم النص على ذلك في محضر رسمي.

وتبعا لما سبق، واعتبارا لطموحات المملكة المغربية في مواصلة مسيرة التقدم وتنمية الأسرة، والسعي الدائم لإصلاح وتحديث تنظيماتها الإدارية والمالية وترسيخ دولة الحق والقانون، عملت المملكة في إطار قناعتها الراسخة على تفعيل مقتضيات مدونة الأسرة بما يتوافق مع المعاهدات الدولية وأحكام الشرع ومقاصده السمحة، وكذلك ما يقتضيه التعايش الاجتماعي والاستقرار الأسري .

غير أن هذا الإشكال يجب الانتباه إليه ومحاولة تقديم حلول تكون فعالة من أجل القضاء على ظاهرة التعدد ومعالجتها وفق مقاربة تتسم بالفعالية والانسيابية للحفاظ على الأسرة بشكل خاص، خاصة عندما يكون هناك أطفال .

وبالتالي فعدم مراعاة هذه الهواجس الإنسانية قد يكون له انعكاسات سلبية ليس فقط على الأسرة وحدها، بل كذلك على المجتمع وبالتالي بدل إنتاج أطفال صالحين، يتم إنتاج أطفال طالحين مما يؤثر على الاستقرار الأسري والتعايش الاجتماعي.

والأكيد أن معالجة هذه الظاهرة من جذورها يكون هو هدف كل الفاعلين الحقوقيين والقانونيين، وبالتالي إنتاج مجتمع تسود فيه الألفة والرحمة المعهودة ؛ وهذا ينسجم مع وفاء الدولة المغربية لاختيارها الذي لا رجعة فيه في بناء دولة ديمقراطية يسود فيها روح القانون، حيث يواصل المغرب بعزم، مسيرة توطيد مؤسسات الدولة مرتكزاتها نحو تحقيق الاستقرار الأسري والمجتمعي، وإرساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة.


التعدد في الزواج بين النص القانوني والنظرة المجتمعية

نورالدين البكراوي

Kommentare
    NameE-MailNachricht