JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

 


الصفحة الرئيسية

محمد خصيف فنانا تشكيليا وناقدا جماليا


د. محمد الشاوي -فنان تشكيلي مغربي وناقد فني

إن الحديث عن الفنان التشكيلي والناقد الجمالي محمد خصيف، هو حديث بالضرورة عن جيل التأسيس العلمي لدرس التربية التشكيلية بالمغرب؛ لاسيما أن صاحبنا تقلد مهمة التأطير التربوي، وساهم أيضا في تكوين وتدريس أجيال من طلاب التربية التشكيلية وأساتيذها. وفي هذا التأطير والتدريس استمرارية دؤوبة على نهج أستاذه الفنان خليل لمرابط رائد الدرس التشكيلي بالمغرب، ومن بين مؤسّسيه بمراكز التربية والتكوين، والذي نذكر من إصداراته القيّمة كتاب: "الرسم والهوية، التجربة المغربية أنموذجا".(**)
محمد خصيف قامة فنية وأكاديمية، له مساهمات غزيرة في مجال النقد الفني المعاصر، كتابةً وتنظيراً وترجمةً للعديد من التجارب، والتيارات الفنية، والمونوغرافيات.

يتسم منهاجه النقدي بالفرادة البحثية في التنقيب عن تاريخ الفن الغربي والعربي، وفي محطات تطورهما، ومنعطفاتهما، والتعريف بالتيارات المعاصرة للتشكيل العالمي. فضلا عن انفتاحه على فلسفة الفن (الجماليات)، وجديد مقاربات التحليل النقدي للفن المعاصر. فهو يكتب باللغتين العربية والفرنسية، وهو أيضا من بين النقاد الأوائل بالمغرب الذين جمعوا بين الممارسة التشكيلية والتدريس الفني، والذين كتبوا في الصحف والمجلات خلال فترة الثمانينيات من القرن العشرين.

سبق لي أن قدمتُ دراسة في أعمال محمد خصيف بمناسبة تكريمه بمدينة أكادير سنة 2017، ومضوعها: "محمد خصيف باحثا في اللامفكر فيه وطبيبا معالجا للجسم التشكيلي بالمغرب". وكانت هذه الدراسة شهادة في حق المحتفى به الذي تربطني به علاقة صداقة وزمالة عمادها التقدير والاحترام. وقد راكم صاحبنا في تجربته الفنية العديد من المدارس والتيارات، ومنها: الواقعية، الانطباعية، السوريالية، التعبيرية، والوحشية. ليستقر على أرض التجريد بخامات، وصباغات، وكولاجات، وتركيبات لونية تجد مرتكزها على اللوحة باعتبارها سندا ووعاء لجُماعِ منجزاته السابقة واللاحقة.

ولئن كان قد استقر على أرض التجريد، فإن تجريده من الجنس المُوسَّع والرحب، حيث طبع به بصمة أكاديمية خاصة في العديد من أعماله. وهي أعمال ذات تقنيات متعددة ومختلطة تتخذ من النسقية منظوراً مؤطِّراً لها؛ حيث تجعل من بنية الكل سابقة على الأجزاء، وكما هو متعارف عليه أيضا في التقليد السيكولوجي لنظرية الجشطلت في الإدراك.

وعلى سبيل الختم، يمكن القول بأن أعمال محمد خصيف ترتكز على بنية أساس ألا وهي الألوان المتدرجة، والأشكال المختلفة في الحجم والكتلة داخل فضاء جمالي شبيه بالبنية الجيولوجية لطبقات الأرض أو "الريزوم" الذي تحدث عنه الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز. وبتعبير آخر فإن اعمال محمد خصيف هي التي تتحدث بلسانه، وتدل على أثره، والفن التجريدي عنده هو المذهب الذي وجد فيه ضالته في التعبير عن قلقه الوجودي. ذاك القلق الذي ارتبط بالإحساس الإنساني المتواري خلف التحولات التي طرأت على منظومة القيم. ونتيجة ذلك، اختفاء الإنسان داخل هذه التحولات، حيث صار فاقدا للوعي والإرادة، وجزءا من البنى الثقافية والاجتماعية المتحكمة فيه.

الهوامش والإحالات المرجعية


(**) Khalil M’rabet.– Peinture et identité. L’expérience marocaine, Paris, L’Harmattan, 1987
محمد خصيف فنانا تشكيليا وناقدا جماليا

نورالدين البكراوي

تعليقات
    الاسمبريد إلكترونيرسالة