JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

 


الصفحة الرئيسية

المغرب والولايات المتحدة الأمريكية: بداية العلاقات


 

هشام التطواني - باحث في الثقافة الإنجليزية


في 1 ديسمبر 1789، قرر جورج واشنطن كتابة رسالة إلى صديق قديم لبلاده. ومن المفارقات، كان مستلم الرسالة شخص لم يقابله واشنطن سابقا. فقبل أكثر من سبعة أشهر بقليل، تم تنصيب واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة وأنشأ مكتبه في العاصمة المؤقتة للبلاد، مدينة نيويورك.

وخلال الأشهر التي تلت ذلك، بدأ في تشكيل حكومته، وأمر السيدة واشنطن وحفيدتهما بالاستقرار في منزلهما الجديد، ونظم مخططا لتسليته الرسمية، ونجا من مرض شبه قاتل، وقام بجولة استغرقت شهرا في ولايات نيو إنجلاند. الآن، عندما بدأ الرسالة، بدأ بتحية، "صديق عظيم ورائع." ولم يكن هذا الرجل العالي المقام إلا محمد بن عبد الله، سلطان المغرب، نفسه من استلم الرسالة التي كتبها جورج واشنطن في ذلك اليوم[1].

وعلم سيدي محمد بكفاح المستعمرات الأمريكية من أجل الاستقلال، عبر القنصل الفرنسي المكلف بالمغرب، وعبر الصحف الأوروبية. وبدأ في التواصل مع الأمريكيين في 20 ديسمبر 1777، عن طريق إدراجهم على قائمة الدول التي سيتم الترحيب بها في الموانئ المغربية. وفي محاولة للمساعدة في عملية فتح العلاقات الدبلوماسية مع البلد الجديد، عين السلطان المغربي بعد عدة أشهر تابع فرنسي، إتيان كايل، ليكون قنصلا للأمم غير الممثلة — بما فيها الولايات المتحدة الجديدة — في بلاطه.

فبدأ كايل العمل بسرعة وكتب في 14 نيسان (أبريل) 1778، إلى بنيامين فرانكلن، الوزير الأميركي في فرنسا، ولدى تلقيه الرسالة، إلتمس فرانكلين نصيحة المسؤولين الفرنسيين، الذين اقترحوا أنه "ليس من الآمن إجراء أي مراسلات معه". وحاول كايل أيضا الوصول إلى الأمريكيين عن طريق وزيرها في مدريد، جون جاي[2].

ولا بد من الإشارة، إلى أن الاستجابة الأميركية بادئ الأمر، كانت مخيبة للآمال. بعد سنوات من عرض سيدي محمد لأول مرة فتح موانئه أمام الملاحة الأمريكية. كتب رئيس الكونغرس القاري صامويل هنتنغتون إلى صديق له يقول إنه تلقى للتو رسالة باسم "السلطان يدعو فيها هذه الولايات المتحدة للتجارة في موانئه[3]." لقد مرت ثلاثة أشهر أخرى، في ديسمبر 1780، قبل أن يرد رئيس الكونغرس أخيرا على السلطان، مؤكدا له رغبة الكونغرس في "تعزيز سلام صادق وثابت، وصداقة مع جلالتكم، وجعلها دائمة لجميع الأجيال القادمة."[4]

واستمرت العلاقات ببطء طوال أربع سنوات أخرى — سبع سنوات بعد أن عرض السلطان الأولي على الأميركيين. وفي أيار/ مايو 1784، قرر الكونغرس القاري "إبرام معاهدات الصداقة والتجارة مع المغرب، لمواصلة فترة الولاية نفسها التي تمتد عشر سنوات، أو لفترة أطول مما يمكن زيادته من وقت". وبعد أن لاحظ الكونغرس "أن اشتعال الحرب والمسافة التي تفصل بيننا وبين وضعنا قد حال دون لقائنا بصداقة [السلطان] في وقت مبكر جدا كما كنا نرغب"، قرر أيضا "أن يتم إصدار لجنة إلى السيد ج. آدامز والسيد ب. فرانكلين والسيد ت. جيفرسون، تخول للسلطات وضع وتلقي اقتراحات لمعاهدات الصداقة والتجارة هذه، والتفاوض والتوقيع عليها، وإرسالها إلى الكونغرس للتصديق النهائي عليها؛ وأن تكون هذه الهيئة نافذة لمدة لا تتجاوز سنتين[5].

ومع ذلك، في المغرب، لم يكن السلطان على علم بهذه التطورات إلا بعد أشهر. شعر أنه بحاجة إلى القيام بشيء دراماتيكي لجذب انتباه الأمريكيين، وأمر بالقبض على سفينة أمريكية واحتفظ بها حتى يتأكد من أن التقدم قد بدأ أخيرا. في أغسطس 1785، كتب توماس جيفرسون إلى صديق في المنزل، مؤكدا القصة، موضحا:" لقد قيل لك بصدق إن سلطان المغرب قد أبدى استعدادا للدخول في معاهدة معنا[...] تصرفاته ما تزال جيدة. وكدليل على ذلك، فقد أطلق في الآونة الأخيرة، سراح سفينة البحرية الأمريكية التي أخذها في الشتاء الماضي.[6] "

وقد عين الوكيل الخاص الجديد للمغرب الأميركي توماس باركلي في تشرين الأول/ أكتوبر 1785 ووصل إلى هذا البلد في الصيف التالي. وفي غضون أسبوع من وصوله في حزيران (يونيو) 1786، التقى باركلي السلطان مرتين، وكان قادرا على التبليغ أنه،" سيكون مقبولا... إن تعرفوا أن المسودة الأخيرة للمعاهدة قد وضعت، وستوقع على الأرجح في غضون أيام قليلة، وأن إقامتنا هنا لن تتجاوز مدة أسبوع من هذا الوقت"[7]. واستكملت المفاوضات المتعلقة بالمعاهدة بحلول منتصف تموز (يوليو) 1786 وحدد باركلي موعدا لأوروبا. ولقد استغرق الأمر عاما آخر قبل أن تدخل المعاهدة حيز التنفيذ، بعد أن وقع عليها اثنان من الوزراء الأميركيين، جون آدمز وتوماس جيفرسون، في يناير/ كانون الثاني 1787. وقد صدق الكونغرس على المعاهدة في تموز/ يوليو من العام نفسه، ووقعها أخيرا رئيس الكونغرس في 18 تموز/ يوليو 1787. وسيظل ساريا لمدة خمسين سنة[8].

لقد استغرق الأمر ما يقرب من عشر سنوات لكي تؤتي المعاهدة ثمارها، ولكن عندما جلس جورج واشنطن ليكتب رسالته إلى سلطان المغرب، كان يدرك أن هذه الصداقة تشكل أهمية كبرى. وبعد شرح التغيير في الحكومة باعتماد الدستور الجديد، وتقديم نفسه بوصفه الرئيس الجديد للحكومة الأمريكية، طمأنت واشنطن سيدي محمد على أن" التشجيع الذي سعد به جلالتك، بسخاء، لفتح تجارتنا مع سياداتك". الدقة في المواعيد أبرمتم معنا المعاهدة تتركت انطباعا عميقا في الولايات المتحدة وتؤكد احترامها وتعلقها بجلالتكم".

وتابع:" يسعدني أن تتاح لي هذه الفرصة لأؤكد لجلالتكم أنني، بينما أظل على رأس هذه الأمة، لن أتوقف عن الترويج لكل إجراء من شأنه أن يؤدي إلى الصداقة والوئام والعيش بسعادة بين جلالتكم وبيننا". اختتم واشنطن الرسالة بكلمات البركة هذه:" ليبارك الله جلالتك السلطان، صديقنا العظيم والشهم، بتوجيهه وحمايته المستمرة. "للأسف، تمشيا مع فحوى المفاوضات المربكة والمعقدة، سيدي محمد لم يتلق رسالة جورج واشنطن—توفي السلطان قبل شهرين من وصول الرسالة.

المراجع


 [1] "George Washington to [Sidi Mohammed], The Emperor of Morocco, 1 December 1789," The Writings of George Washington, Vol. 30, ed. John C. Fitzpatrick (Washington, D.C.:Government Printing Office), 474-6.


[2] "Samuel Huntington to Etienne d'Audibert Caille," Letters of Delegates to Congress, Vol. 16 (September 1, 1780-February 28, 1781), eds. Paul H. Smith and others (Washington, DC: Library of Congress, 1989), 519n.

[3] . "Samuel Huntington to Jonathan Trumbull, Sr., 4 September 4, 1780," Letters of Delegates to Congress, Vol. 16 (September 1, 1780-February 28, 1781), eds. Paul H. Smith and others (Washington, DC: Library of Congress, 1989), 16 & 17, 17n3 & 17n4.

[4] . "Samuel Huntington to the Sultan of Morocco, [December 1780]," in Letters of Delegates to Congress,16:519 & 519n, 16:520.

[5] Resolution, 7 May 1784," Journals of the Continental Congress, 1774-1789, 26:361-362.

[6] "Thomas Jefferson to John Page, 20 August 1785," The Papers of Thomas Jefferson, 8:418-419.

[7] "Thomas Barclay to American Peace Commissioners, 26 June 1786," The Papers of Thomas Jefferson, Volume 10 (June 22, 1786-December 31, 1786), ed. Julian P. Boyd and others (Princeton, NJ: Princeton University Press, 1954), 71-2.

[8] Journals of the Continental Congress, 1774-1789, 585.
المغرب والولايات المتحدة الأمريكية: بداية العلاقات

نورالدين البكراوي

تعليقات
    الاسمبريد إلكترونيرسالة